عقدت مؤسسة اليوم التالي، في فبراير/شباط الماضي، ندوتين حواريتين، بالتعاون مع كلّ من الصحفي السوري، أحمد مظهر سعدو، والقاضي السابق، حسام الشحنة، بحضور مجموعة من ضحايا التهجير القسري في الداخل السوري.
الندوة الأولى
تمحورت الندوة الأولى حول مفهوم الوطنيّة السوريّة، وارتباطها المباشر بالسلم الأهلي، لتوعية المهجّرين والمهجّرات قسّريًا على أهمية السلم المُجتمعي، وعلاقة الهويّة الوطنيّة في التأسيس له.
وبحسب محاضر الندوة، الصحفي أحمد مظهر سعدو، فإن “الوطنية السورية لا بد أن تتشكّل على أساس السلم الأهلي، وأن تُفيده وتحميه، والعكس صحيح، لا سيما بعد كل ما جرى في سوريا، خلال السنوات العشر الماضية”، مؤكدًا أن هذا الأمر “مرتبطًا بشكل مباشر ووثيق بهوية المسؤول عن حماية القضية السورية”.
واستعرض سعدو تساؤلات كثيرة، حول “إمكانية الحديث اليوم عن الوطنية السورية، في ظلّ غياب كافة أشكال الحماية، ومع وجود الكثير من الترهات والانتهاكات والأخطاء التي مورست حتى من قبل المعارضة خلال سنوات الثورة”، مشددًّا على أن “الحامي الحقيقي لا بد أن يكون منتمي للشارع، مع عدم تكرار سيناريو المعارضة السورية الموجودة بشكلها الحالي، وهي التي لم تستطع أن تُنتج شيئًا”، على حد تعبيره.
وقال الصحفي السوري إنّ “العمل على ثنائية الوطنية السورية والسّلم الأهلي، يجب أن يرتبط أيضًا بمتغيّرات الواقع السوري في الداخل والخارج، مع التركيز على مسألة العقد الوطني الجامع”، لأن وبحسب سعدو، فإن “السوريين/ات بحاجة ماسة لعقد وطني جامع لا يستثني أحدًا ويتأسّس على عدّة أمور، أبرزها:
- فصل السلطات
- التلاحم والتآلف بين جميع السوريين/ات
- الاعتماد على المجتمع المدني المحلي برمّته، ليكون له دورًا حقيقيًا في إعادة التكوّن في الوطن السوري والدولة الوطنية القادمة الجامعة، والتي لا قدرة لأن تتغوّل عليها يومًا ما، الأجهزة الأمنية والمخابراتية أو عصبة من أيّ نوعٍ كانت”.
وأجابت الندوة على عدّة تساؤلات، كان أبرزها حول مدى أهميّة تكوّن الوطنية السورية، للوصول إلى عقد جمعي وطني، باعتبار أن الأخير بات ضرورة وطنية مهمة، أكثر من أيّ وقت مضى.
وتطرّقت أيضًا إلى ثنائية الوطني والقومي، فاعتبر سعدو أنه “لا يمكن الحديث اليوم عن أي بُعد قومي في سوريا دون الإنطلاق من البوتقة الوطنية السورية، واستيعاب متغيّراتها، والولوج في ماهية الهوية الوطنية السورية الجامعة”، معتبرًا أنه “لا يجوز الانتقال إلى البُعد والنزوع القومي بغير المرور أصلًا وأساسًا في الطريق الوطني أولًا”.
وخلُص إلى “عدم وجود ما يعكّر صفوّ التداخل بين القومي والوطني، إلا بعض الشوفينيات القومية أو الوطنية التي لم تستوعب بعد ماهية العلاقة بين الوطني والقومي”، مشددًا على أنّ “الوطنية السورية الجامعة بلا تقوقع طائفي، هي التي تُعلي من شأن السلم الأهلي وتبني المجتمع السوري”، وأن “السلم الأهلي هو شرط لازم من شروط بناء الأوطان”.
الندوة الثانية
ركّزت الندوة الثانية، بالتعاون مع القاضي السابق، حسام الشحنة، وحضور مجموعة من ضحايا التهجير القسّري في سوريا، على حقوق الأراضي والسكن و الملكية للمهجرين قسرياً وتوجيه رسائل وتوصيات مهمّة في هذا الخصوص.
وفي الندوة، شرح الشحنة أنواع الأراضي والممتلكات، وأنواع الحقوق والملكيات، وكيفية تثبيت هذه الحقوق، إضافة إلى آلية حلّ النزاعات، وأهم العوائق التي تحول دون وصول المهجّرين/ات قسريًا إلى حقوقهم/ن، في الملكية و السكن.
وتطرّقت الندوة إلى العوائق المضاعفة التي تترتّب على النساء السوريات في كلّ ما ذُكر، كما تحدّثت عن أهمية تنظيم مسألة منح الوكالة، لمتابعة الإجراءات القانونية على العقارات و الأملاك، وسُبل تحقيق هذا التنظيم، باعتبار الوكالة أحد أهم الإجراءات التي يُمكن من خلالها حفظ وحماية الممتلكات.
وختم الشحنة ندوته بالتشديد على التوصيات التالية:
أوّلُا، رفع الوعي بقضية المُلكيّة، لأنها “قضية وطنية”، بحسب وصفه، معتبرًا أن “الحفاظ على الملكية هو نوع من أنواع المقاومة”.
ثانيًا، فهم حقوق الملكية والسكن والأراضي، ومعرفة القوانين الناظمة، والمستندات الخاصة بها، والإطار المؤسس لها، والمحاكم المختصّة بقضاياها، وطرق التعامل في كل ما بتعلّق بها.
ثالثًا، إنشاء وسائل تواصل بين سكّان جميع المناطق التي شهدت موجات تهجير قسري، أو استقبال ضحايا التهجير القسري، لمشاركة الخُبرات من خلالها، وتبادل المعارف والمعلومات حول حقوق السكن والملكية.
رابعًا، التركيز على الملكيات التي تم تسجيلها في المناطق المهمّشة والأكثر ضعفًا مثل مناطق المخالفات.
خامسًا، مراجعة القوانين العقارية من قبل المهجرين/ات أنفسهم، ومتابعة مساكنهم/ن وملكياتهم/ن.
سادسًا، استخراج المستندات الشخصية والعقارية، وتنظيم الوكالة لمحامي أو لأحد الأقارب.