٥٣ شخصية ومنظمة مجتمع مدني تصدر خطاباً مشتركاً تحثّ فيه المدعي العام الأمريكي على توجيه الأصول المصادرة من شركة لافارج لصالح الضحايا والناجين
واشنطن العاصمة – انضمت اليوم التالي إلى تحالف يضم ٥٣ شخصية ومنظمة مجتمع مدني سورية وإيزيدية وأمريكية ودولية لإصدار رسالة مفتوحة تحثّ وزارة العدل الأمريكية على توجيه الأموال التي حصّلتها بموجب القضية الجنائية البارزة ضد شركة لافارج إس. إيه والشركة التابعة لها في سوريا لصالح الضحايا والناجين من انتهاكات القانون الدولي الجسيمة المرتكبة في سوريا.
ما زال الكثير من الضحايا والناجين السوريين يعانون من آثار الانتهاكات السابقة والمتواصلة منذ بدء الأزمة والصراع قبل ثلاثة عشر عاماً، والتي تشمل أضراراً طبية ونفسية واقتصادية ناتجة عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقد جمعت عدة دول أموالاً كثيرة بموجب أحكام تتعلق بانتهاكات مرتكبة في سوريا، بما في ذلك مصادرات في قضايا مدنية وجنائية وغرامات لانتهاك العقوبات. لكن نادراً ما تمكن الضحايا من الحصول على أي تعويض لمعالجة تلك الأضرار المستمرة. وفي هذا الصدد، تقترح الرسالة الموجهة اليوم مساراً عملياً للحكومة الأمريكية للمباشرة بالإجراءات اللازمة لدعم الناجين الآن، بالأموال المتاحة بين يديها حالياً.
وفي هذا السياق، قال أحمد حلمي عن “مبادرة تعافي”، وهي جمعية يقودها ضحايا وناجون وتعنى بقضايا ضحايا التعذيب والاعتقال والاختفاء القسري في سوريا: “لا يجوز لأي حكومة أن تتربح من الانتهاكات المرتكبة في سوريا، ولو من خلال الاحتفاظ بهذه المبالغ المالية الكبيرة المحصلة بموجب أحكام قضائية. ومن هذا المنطلق ندعو في رسالتنا هذه المدعي العام الأمريكي إلى تخصيص الأموال المصادرة بموجب قضية شركة لافارج لصالح الضحايا، والعمل بشكل وثيق مع المجتمع المدني لتحديد سُبُل صرف هذه الأموال بأفضل طريقة تلبّي حقوق واحتياجات الضحايا والناجين.”
وتأتي هذه الرسالة بعد تسعة عشر شهراً من إقرار شركة لافارج الفرنسية لمواد البناء وفرعها في سوريا بمسؤوليتها في التواطؤ عبر تقديم دعم مادي لمنظمات إرهابية٬ مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وجبهة النصرة٬ من خلال دفعها أموالاً من أجل تيسير استمرار عمل معمل الإسمنت التابع لها في شمال سوريا في الفترة الممتدة من 2013 إلى 2014، متجاهلة بذلك الأنشطة الإرهابية الموثقة التي ارتكبها تنظيم داعش وجبهة النصرة خلال سيطرتهما على شمال سوريا. وتُعدّ هذه الإدانة أول قضية ناجحة تقاضي بها وزارة العدل الأمريكية شركة لتقديمها دعماً مادياً للإرهاب، وقد وافقت لافارج بموجبها على مصادرة الوزارة لمبلغ 687 مليون دولار من أموالها.
وفي السياق ذاته، قالت باري إبراهيم من المؤسسة الإيزيدية الحرة، التي أُسست رداً على حملة الإبادة الجماعية التي تعرض لها الإيزيديون على يد تنظيم داعش: “لم تقدم وزارة العدل أي إيضاح بشأن الكيفية التي ستستخدم بها هذه الأموال، بالرغم من امتلاكها للسلطة والصلاحيات التقديرية لتوجيه الأموال لصالح ضحايا هذه الجرائم الجسيمة. لذلك فإننا، بصفتنا منظمة معنية بقضايا أبناء وبنات المجتمع الإيزيدي ونسعى لمساعدتهم على إعادة بناء أنفسهم والتعافي مما تعرضوا له من إبادة جماعية وفظائع أخرى، نطلب من المدعي العام استخدام نفس الحلول المبتكرة التي استخدمها ويستخدمها لتوجيه الأموال المصادرة من روسيا لصالح أوكرانيا، والعمل على ضمان توفير مسارات للتعافي والانتصاف لمجتمعاتنا أيضاً.”
ويبيّن الخطاب المسارات والقنوات الممكنة لصرف أموال شركة لافارج لصالح الضحايا والناجين المعنيين، ومن يبن هذه القنوات إنشاء صندوق حكومي دولي مشترك يقوم بتجميع وتوزيع الأموال المحصلة في الولايات المتحدة وغيرها من الدول بموجب أوامر المصادرة والأحكام المالية والتعويضات والغرامات والعقوبات المتعلقة بانتهاكات القانون الدولي في النزاع السوري، على النحو الذي أوصى به البرلمان الأوروبي مؤخراً.
من جهتها أوضحت جُمانة سيف، المحامية السورية والزميلة غير المقيمة في مشروع التقاضي الاستراتيجي التابع للمجلس الأطلسي، أن: “سوريا وروسيا والصين قد أغلقت سُبُل المساءلة الدولية والمحلية، بحيث لم تترك للضحايا والناجين سوى مسارات محدودة للغاية للتعافي والانتصاف. لذلك يتعين على الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تدعم المساءلة في سوريا التفكير بحلول أكثر إبداعاً لتوسيع مسارات التعافي. ويمكن أن تكون الخطوة الأولى في هذا الاتجاه هي أن تقوم الولايات المتحدة بتوجيه الأموال المرتبطة بتنظيم داعش الموجودة بحوزتها والبالغة 600 مليون دولار لصالح الضحايا والناجين.”
يمكن قراءة النص الكامل للرسالة هنا.