كانت الثورة قد اندلعت في سوريا عندما تزوجت أميرة للمرة الأولى،
“تزوجت بمراسم زفاف غير رسمية، لم يكن لدي هوية. عندما كنت حاملاً في الشهر الرابع، قٌتِل زوجي في قصفٍ للنظام على قريتنا. لم أتمكن من تسجيل ولادة ابنتي لأنه لم يكن لدينا عقد زواج رسمي. تزوجت مرة أخرى لاحقاً، وأنا حامل مرة أخرى، لكنني لم أتمكن من تسجيل زواجي الثاني أيضاً. لأن زواجي الأول كان غير رسمي وليس لدي شهادة وفاة زوجي الأول”.
قصص مثل قصة أميرة شائعة جداً في معظم أنحاء سوريا، حيث أوقف الصراع عمل المؤسسات الرسمية المسؤولة عن التسجيل وتوفير الوثائق المتعلقة بالمواليد والوفيات والزيجات والطلاق للسوريين. وبدون هذه الوثائق، غالباً ما يكون السوريون عالقون في مأزق قانوني من حلقة مفرغة، غير قادرين على الحصول على الوثائق التي يحتاجونها لأنهم لا يملكون الوثائق اتي يحتاجونها.
الافتقار إلى الوثائق الضرورية يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على سوريين مثل أميرة. عدم القدرة على تسجيل المواليد رسمياً يحرم الأطفال من هويتهم القانونية ومن الجنسية السورية، كما أن عدم القدرة على تسجيل الوفيات يهدد الاستقرار المالي وحقوق الملكية/ الميراث للأرامل وأفراد الأسرة الآخرين. بالإضافة إلى هذه القضايا، يتعين على النساء مثل أميرة أيضاً التعامل مع مخاطر بناء حياة مع زوج في زواج غير مقونن، يكون فيه غير ملزم قانونياً بإعالة أسرته
الافتقار للوثائق المدنية هو أيضاً انتهاك لحقوق السوريين بموجب القانون الدولي، كما يوضح القاضي المنشق أنور مجنّي: “ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على أنه “لكل إنسان في كل مكان الحق بالحصول على الشخصية القانونية” هذه الشخصية التي تنشأ من خلال التسجيل في السجلات المدنية، وإن غيابها يمتد أثره إلى جملة من الحقوق منها حقه في الحصول على الجنسية وحق النسب وحقوقه المالية وحق التنقل والحقوق المتعلقة بالتعليم والصحة، وغيرها من الحقوق التي يقرها القانون السوري والعهود والمواثيق الدولية”
غياب التوثيق المدني الصحيح يتيح لنظام بشار الأسد معاقبة أولئك الذين يعارضونه والتلاعب بديمغرافية البلاد. وكما يوضح مجنّي فإن “الخلل في السجلات المدنية سيؤدي إلى خلل في سجلات الانتخابات، وبالتالي فإن غياب الوثائق المدنية سيؤدي إلى حرمان الكثير من السوريين من حقوقهم السياسية المتمثلة في حق الترشح والانتخاب. وبذلك سيستفيد النظام من حرمانهم من هذا الحق. كما سيستفيد من هذا الخلل في إعاقة العودة للمهجرين قسراً إلى مساكنهم بسبب فقدانهم للوثائق التي تثبت هويتهم وأحقيتهم في العودة”
“إن زيادة الوعي بمسألة الافتقار إلى التوثيق المدني، ومساعدة السوريين للوصول إلى وثائقهم الشخصية، هو الخطوة الأولى لإيجاد حل لهذه المشكلة، “نسقت اليوم التالي جلسات حوارية تهدف إلى رفع الوعي بالقضية مع منظمات محلية ونشطاء في الشمال السوري وكذلك من أجل لفت انتباههم حول هذه المسألة وأيضاً من أجل التعرف إلى رؤيتهم للتحديات الكبرى التي تواجه المهجرين قسراً فيما يتعلق بالسجل المدني” يقول محمد حداد، منسق مشروع في اليوم التالي.
بالإضافة إلى جلسات التوعية أصدرت اليوم التالي مقطعاً مصوراً يُعرِّف بقضية السجل المدني لإيصال الرسالة إلى جمهور أوسع.