سقط الطاغية …لنفتح باب الحرية والسلام والوحدة

سقط الطاغية …لنفتح باب الحرية والسلام والوحدة

سقط الطاغية

لنفتح باب الحرية والسلام والوحدة

بعد أربعة وخمسين عاماً من استبداد عائلة الأسد، أسقط الشعب السوري نظام الاجرام والاستبداد والفساد، ضارباً أروع الأمثلة من نضال الشعوب نحو التحرر، وفاتحاً الباب على مصراعيه للمستقبل. لقد كان طريقنا نحو الحرية مضرجاً بدماء الشهداء، ومعبداً بعذابات المعتقلات والمعتقلين وذوي المفقودين، وتضحيات المهجرين، وكفاح مقاتلي الحرية والناشطين السلميين والعاملين في الحقل الانساني والمدني والمثقفين الوطنيين والأحرار من كل المناطق السورية ومختلف التوجهات السياسية والفكرية، فكانت ثورة شعب عظيم نستحق أن نهنئ أنفسنا بها وأن نفخر بمنجزنا الوطني التحرري.

تمتزج في اللحظة التي تمر بها بلادنا اليوم مهمات التصدي للواقع الراهن ومعالجة آثار الماضي، وصناعة مستقبلنا الوطني على طريق استعادة الوحدة الوطنية، وبناء نظامنا السياسي الديمقراطي الذي يضمن مشاركة جميع السوريات والسوريين في بناء بلدهم وصناعة مستقبلهم على أسس المساوة في المواطنة والحقوق والواجبات، وسيادة القانون واستقلال السلطات وحيادها تجاه بنات وأبناء الوطن، واحترام الحريات العامة والخاصة وحقوق الانسان وفق ما أقرته المواثيق الدولية.

يحتاج الشعب السوري الآن إلى ضمان أمنه واستقراره في قراه ومدنه، والحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة ومؤسسات الدولة السورية وتدوير عجلاتها واستعادة النظام العام. كما أن اللحظة الراهنة تتطلب الإسراع باستكمال الكشف عن مصير المغيبين في جميع السجون، والتعاطي المسؤول مع ذوي المفقودين، والبدء بتهيئة شروط عودة المهجرين إلى قراهم ومدنهم وممتلكاتهم بشكل آمن وطوعي، والبدء بوضع التصورات حول برنامج وطني للعدالة الانتقالية. يحتاج السوريون أيضا في هذه المرحلة إلى خارطة طريق وطنية للحوار والمصالحة الوطنية، وللانتقال السياسي معلنة لعموم الشعب السوري وبأوسع مشاركة لمختلف فئاته وشرائحه وقطاعاته في التصميم والتنفيذ تستجيب لمضامين القرارات الدولية ذات الصلة بالشان السوري بدءً ببيان جنيف وانتهاءً بالقرار2254، وإلى دعم عربي ودولي لهذا التحول المفصلي في تاريخنا.

إننا في مؤسسة اليوم التالي ننظر بايجابية للخطوات التي تتخذها القوى التي تتولى المسؤولية الرسمية اليوم على صعيد ضمان الأمن واستعادة الاستقرار وانتظام الحياة العامة والسلم الأهلي وتأمين الاحتياجات المعيشية لأبناء الشعب ونطالبها بالمزيد، كما ننظر بالايجابية ذاتها إلى التراجع عن بعض الأخطاء التي يتم ارتكابها، ونحث هذه القوى على الانفتاح على مختلف الفئات الاجتماعية والمدنية، والسياسية السورية في التصدي للمهمات الراهنة وصياغة المستقبل. لا يمكن لجهة واحدة أن تتصدى لهذه المهمات بشكل منفرد، ولا بديل عن الشراكة الوطنية والانفتاح على عموم الشعب والشفافية والعلنية. إن مرحلة الانتقال من نظام استبدادي قتل وهجر الملايين، ودمر أجزاء واسعة من البلاد، وأفقر الدولة والشعب، وأحدث شروخاً عميقة في النسيج الوطني، صعبة وبالغة التعقيد وتحتاج تضافر جهود جميع أبناء الوطن على قاعدة المساواة والشراكة في الانتصار على استبداد آل الأسد.

منذ إنشائها عملت مؤسسة اليوم التالي على دعم جهود الانتقال الديمقراطي في سوريا، وقد وضعت تصورات كثيرة لمعالجة ملفات المرحلة الانتقالية بدءً من لحظة سقوط النظام وصولاً لاستقرار النظام السياسي الجديد، بما في ذلك مسائل الادارة وحفظ الأمن والعدالة الانتقالية والاصلاح القضائي والدستوري، وهي كعهدها دوماً مستعدة لوضع نتائج عملها في خدمة الجهد الوطني الشامل للانتقال نحو المستقبل المنشود.

الشعب السوري هو شعب عظيم ، صبر وكافح وحرر نفسه وبلده من أعتى طواغيت هذا العصر. إن الدرب وعرٌ وصعبٌ وما زلنا في بداية الطريق لكننا سننهض من تحت الركام، وسنبني بلدنا حراً كريماً عزيزاً ونخوض تجربتنا وسننجح بتضافر جهود جميع أبناء الوطن وتوفيق الله تعالى.

الرحمة لشهدائنا والتهنئة لمعتقلينا المحررين، والصبر لذوي المفقودين، والعودة الكريمة للمهجرين.

عاش الشعب السوري حراً كريماً على أرضه.