لقاء مباشر جمع مجموعة من الناجين/ات من الاعتقال والعنف القائم على النوع الاجتماعي وأهالي مختفين قسراً، مع ممثلين عن آليات المحاسبة الخاصة بسوريا، في اجتماع فيزيائي، تخللته مناقشات حرة وتبادل للمعلومات والآراء والتقييمات، وقدم خلاله الناجون وأهالي المعتقلين توصياتهم.
الاجتماع الذي عقدته اليوم التالي في 29 أيار 2023 حضره أكثر من 120 شخصاً أغلبهم من الناجين/ات من الاعتقال وذوي المختفين قسراً، إلى جانب ممثلين عن جهات ومنظمات دولية مختصة بالمساءلة والمحاسبة، بينها لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا (COI)، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان (OHCHR).
ودارت المناقشات والمداخلات حول دور آليات المحاسبة في جمع وتوثيق الانتهاكات في سوريا والضغط على أصحاب القرار لصالح قضية المعتقلين وذوي المختفين قسراً في سوريا، وأهمية الشهادات الواردة من الضحايا في التأثير على سير العدالة مستقبلاً، والتنسيق القائم بين الآليات المختلفة بشأن الشهادات.
المحقق في لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، ماثيو روتيية، قدم موجز عن عمل آليات المحاسبة الدولية إضافة إلى الاستراتجية المتبعة لإدراج “نهج الضحية المركزي” ضمن آليات العمل المستقبلية، مشدداً على أهمية تقديم الضحايا لشهادات مفصلة ومعلومات عن أسماء مرتكبي الانتهاكات، كوثائق تستخدم في مسار المساءلة مستقبلاً .
روتيه دعا إلى التركيز على أهمية الابلاغ عن الأشخاص المفقودين للجهات المعنية، للمساعدة في كشف مصيرهم وتزويد عائلات المفقودين بالمعلومات المتوفرة عن ذويهم.
من جانبها قدمت الناجية من الاعتقال، المحامية ميسر حديد، ملخصاً عن أهمية التوثيق في دعم القضية المعتقلين سواء كأدلة تقدم لآليات المساءلة أو كوثائق تؤرخ لعهد طويل الأمد من الانتهاكات في سوريا.
“ماثيو روتيه: ليس هناك أي فرصة لغض النظر عن الانتهاكات الماضية والقائمة في سوريا، ونحتاج تعاون ودعم وتوجيهات من أصحاب القضية ونحن كآلية أممية موجودن لرفع أصواتكم”
ثيو جويل، ممثل مفوضية حقوق الإنسان، تحدث خلال الاجتماع عن آلية حقوقية جديدة يتم التحضير لإطلاقها، تركز على إدماج مجموعات الضحايا، وتسعى للمحاسبة والمساءلة، بناء على المشاورات و الاستشارات مع جميع الضحايا، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.
وأضاف أن المؤسسة سوف ستعمل على إجبار النظام السوري على كشف مصير المعتقلين، وستسعى إلى تفعيل مفهوم جبر الضرر للضحايا، وإيصال توصياتهم للجهات الفاعلة، و العمل على المحاسبة و المناصرة و جمع كل ما تم توثيقه من بداية الثورة في مكان واحد، مؤكداً أن التوصيات لإنشاء المؤسسة ليست جديدة كانت يقيادة ودعم من قبل الضحايا، ومن قبل عائلاتهم، ومنظمات المجتمع المدني السورية قبل أن تكون مدعومة من الفاعلين الدوليين.
“ثيو جويل: المؤسسة الجديدة مهمة جداً لدمجها جانبين أساسيين، الأول هو الحاجة لاستشارة الناجين والضحايا والتأكد من مشاركتهم في تصميمها، والآخر أنها مبنية على الحق في المعرفة للضحايا والعائلات”
الحاضرون من مجموعات الناجين والناجيات من الاعتقال وأهالي المختفين قسراً، ناقشوا الممثلين عن آليات المحاسبة في مجموعة من القضايا، خلال جلسة مفتوحة لطرح الأسئلة وتقديم الإجابات.
وعبر عدد من الناجين والناجيات المشاركين عن إحباط ومخاوف فيما يخص الوصول إلى المساءلة بدعم من الآليات، مبدين قلقهم من عدم التقدم في مسار المحاسبة، بما يضمن إيقاف الانتهاكات المرتكبة بحق السوريين والإفراج عن المعتقلين والمتقلات والكشف عن مصير المختفين قسراً.
وتحدّث المدير التنفيذي لليوم التالي، معتصم السيوفي، عن مخاوف إضافية حول السوريين في دول الجوار المعرضين لخطر الترحيل، وخاصة الناجين والناجيات وذوي المختفين منهم، الذين قد يواجهون مصيراً مجهولاً في حال إرغامهم على العودة لسوريا، مطالباً الوكالات الأممية المعنية بمتابعة ملف حقوق الإنسان في سوريا، بمزيد من العمل في هذا الإطار.
اليوم التالي عرضت أيضاً خلال الاجتماع عرض فيلماً بعنوان “لو كان معي” يروي على لسان والدتين لمختفين قسرياً معاناة الفقد والخسارة، ويشرح رحلة العذاب وكمية الجهد المبذول في البحث عن الأبناء وانتظارهم، والآمال بعودتهم، ويحمل الفيلم رسائل وتوصيات الأهالي لآليات المحاسبة.
التوصيات والمخرجات
خرج الاجتماع بمجموعة من التوصيات التي بنيت على المناقشات بين الحضور من مجموعات الضحايا والشركاء والمتحدثين من آليات المحاسبة، منها توصيات للمؤسسة الجديدة لذوي المختفين/ات قسراً، تمثلت بالتأكيد على أهمية المحاسبة للمسؤولين عن الاعتقال وارتكاب مختلف الانتهاكات في سوريا، وإيلاء أهمية لأطفال المختفين والمفقودين.
إضافة إلى الضغط على مختلف الجهات المسيطرة في سوريا والدول الفاعلة في الملف السوري للسماح بالزيارات الميدانية لمراكز التوقيف بشقيه المدني والعسكري و السجون والدوائرالقضائية.
أيضاً أكدت التوصيات ضرورة أن تتوفر ضمن المؤسسة الجديدة جهة معنية بتسجيل الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات والمغيبين قسراً، وأن تكون على صلة مباشرة مع الجهات الفاعلة من منظمات المجتمع المدني في الداخل السوري، والعائلات والبناء على ما سبق من توثيقات لدى آليات ومنظمات اخرى، وأن يتم العمل على تقديم الدعم والتدريب للعائلات.
ودعا الناجون والناجيات لجنة التحقيق الدولية والآليات الدولية العاملة على التوثيق، إلى توسيع نطاق تسجيل الشهادات من النساء والرجال الذين تعرضوا للانتهاكات في سوريا، ودعم مشاريع التوثيق المحلية، وإعطاء اهمية لتوثيق حالات التجنيد الإجباري وأحوال النساء في مخيم الهول شمال شرقي سوريا.
كما جددوا الدعوة إلى أن يستمر العمل على إنهاء الصراع في سوريا من خلال حل سياسي شامل وشرعي يحقق مطالب الشعب ويحافظ على وحدة البلاد، من خلال السعي الحثيث للتنفيذ الكامل لبيان جنيف لعام 2012 وقرار مجلس الأمن 2254.
كما أكدوا أهمية توثيق الانتهاكات العقارية بحق أملاك السوريين وخاصة السوريين المهجرين، إضافة إلى وضع حد للإفلات من العقاب من خلال تحقيق شامل ومستقل رسمياً وليس أسمياً في جميع الانتهاكات، وضمان وصول لجنة التحقيق فعلياً للأراضي السورية.
وطالبت التوصيات الجهات الدولية والمانحين، على تمويل مشاريع تدريب كوادر سورية في الداخل على التوثيق وجمع البيانات، ومشاريع أخرى للدعم القانوني للنساء، والتشبيك بين ذوي والمفقودين في سوريا.
وفيما يخص منظمات المجتمع المدني المحلية، أكدت التوصيات ضرورة العمل على تعزيز دور ومشاركة الناجين/ات بشكل أكبر، وتعزيز جلسات رفع الوعي القانوني لهم وإعطاء الأولوية لحل مشاكلهم القانونية والأوراق الثبوتية لهم و لأطفالهم، إلى جانب تعزيز جلسات الحماية والدعم النفسي وخلق مساحات آمنة للنساء، والبحث على مسارات الحماية لهم من اي محاولات تطبيع أو إعادة قسرية من دول الجوار.
TDA Content