تاريخ النشر: نيسان 2023
لقراءة ورقة السياسات: العربية English
يعد البناء المؤسساتي للدولة من أهم عناصر تقدم الأمم والمجتمعات الحديثة ورقيها، إذ يقاس مدى تمدن الدولة من ناحية قانونية بمدى وضوح الأسس التشريعية فيها، وتوافقها مع أحكام الدستور. وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال خلق منظومة تشريعية متكاملة الملامح والأطر، تقوم على أساس ضبط إيقاع سن وإنشاء القواعد القانونية، وتنظيم مسارها دون عوائق أو عقبات تعطل مسيرتها، أو تُنقص من كفاءتها، وذلك ضمن سياسة عامة تشريعية تراعي تحقيق المصلحة العليا للدولة.
وإذا أردنا قياس تمدن الدولة السورية في الشأن العقاري، وفق المعيار السابق، نلاحظ كثرة التشريعات الناظمة للشأن العقاري السوري إذ أن هناك ما يقارب مئة وستين تشريع عقاري مباشر أو متعلق بحق الملكية في سورية على العموم، وهذا التضخم التشريعي الهائل، لا يمكن أن ينتج طريق صحيح لتنظيم الشأن العقاري في سورية، لذلك تعرضت كثير من الدراسات لهذه المنظومة بالنقد والتحليل، ومن تلك الدراسات: (ماذا بعد القوانين العقارية الجائرة؟ كيف تعمل مؤسسات النظام السوري المعنية بالتطوير العقاري)، وبالمجمل، هذه الدراسات قدمت مقترحات عامة ومجملة لإصلاح المنظومة القانونية العقارية.
هذا يقودنا إلى إشكالية وتساؤل يفرض نفسه على الإجراءات العملية، ما هي السياسات التدخلية المقترحة على السلطة التشريعية لمعالجة ظاهرة التضخم التشريعي العقاري؟ وما هي الآليات لتطوير المنظومة القانونية العقارية؟
هنا تكمن أهمية ورقة السياسات التي أعدها د. عبد الحميد العكيل العواك، من خلال وظيفتها باقتراح سياسات تدخلية للسلطة التشريعية لمعالجة ظاهرة “التضخم التشريعي” من أجل إعادة رسم خارطة للمنظومة العقارية تمنع التداخل بين القواعد القانونية، وتحدد بدقة اختصاص كل مؤسسة عقارية أو معنية بالشأن العقاري، بحيث لا تداخل في الصلاحيات، بل تعاون بين المؤسسات لتسهيل شؤون المواطنين العقارية.